الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
والخامس: أنه الجوار، قاله الحسن.والسادس: أنه القرابة، قاله ابن عباس والسدي، ومنه قول حسان: والسابع: أن الإل العهد والعقد والميثاق واليمين، وأن الذمة في هذا الموضع التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين.{وَلاَ ذِمَّةً} فيها ثلاثة أوجه:أحدها: الجوار، قاله ابن بحر.الثاني: أنه التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين.والثالث: أنه العهد وهو قول أبي عبيدة.{يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} يحتمل ثلاثة أوجه:أحدها: يرضونك بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر.والثاني: يرضونكم بأفواههم في الطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية.والثالث: يرضونكم بأفواهم في الوعد بالإيمان وتأبى قلوبهم إلا الشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضيه من المشركين إلا بالإيمان.{وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} فيه وجهان:أحدهما: في نقض العهد وإن كان جميعهم بالشرك فاسقًا.والثاني: وأكثرهم فاسق في دينه وإن كان كل دينهم فسقًا. اهـ.
وفي {كيف} هنا تأكيد للاستبعاد الذي في الأولى، و{لا يرقبوا} معناه لا يراعوا ولا يحافظوا وأصل الارتقاب بالبصر، ومنه الرقيب في الميسر وغيره، ثم قيل لكل من حافظ على شيء وراعاه راقبه وارتقبه، وقرأ جمهور الناس {إلًا} وقرأ عكرمة مولى ابن عباس بياء بعد الهمزة خفيفة اللام {إيلًا} وقرأت فرقة {ألًا} بفتح الهمزة، فأما من قرأ {إلًا} فيجوز أن يراد به الله عز وجل قاله مجاهد وأبو مجلز، وهو اسمه بالسريانية، ومن ذلك قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين سمع كلام مسيلمة فقال هذا كلام لم يخرج من إل، ويجوز أن يراد به العهد والعرب تقول للعهد والخلق والجوار ونحو هذه المعاني إلًا، ومنه قول أبي جهل: [الطويل] ويجوز أن يراد به القرابة، فإن القرابة في لغة العرب يقال له إل، ومنه قول ابن مقبل: [الرمل] أنشده أبو عبيدة على القرابة، وظاهره أنه في العهود، ومنه قول حسان: [الوافر] وأما من قرأ {ألًا} بفتح الهمزة فهو مصدر من فعل للإل الذي هو العهد، ومن قرأ {إيلًا} فيجوز أن يراد به الله عز وجل، فإنه يقال أل وأيل، وفي البخاري قال جبر، وميك، وسراف: عبد بالسريانية، وأيل الله عز وجل، ويجوز أن يريد {إلًا} المتقدم فأبدل من أحد المثلين ياء كما فعلوا ذلك في قولهم أما وأيما، ومنه قول سعد بن قرط يهجو أمه: [البسيط] ومنه قول عمر بن أبي ربيعة: [الطويل] وقال آخر: [الرجز] قال أبو الفتح ويجوز أن يكون مأخوذًا من آل يؤول إذا ساس.قال القاضي أبو محمد: كما قال عمر بن الخطاب: قد ألنا وإيل علينا فكان المعنى على هذا لا يرقبون فيكم سياسة ولا مداراة ولا ذمة، وقلبت الواو ياء لسكونها والكسرة قبلها، والذمة أيضًا بمعنى المتات والحلف والجوار، ونحوه قول الأصمعي الذمة كل ما يجب أن يحفظ ويحمى، ومن رأى الإل أنه العهد جعلها لفظتين مختلفتين لمعنى واحد أو متقارب، ومن رأى الإل لغير ذلك فهما لفظان لمعنيين، {وتأبى قلوبهم} معناه تأبى أن تذعن لما يقولونه بالألسنة، وأبى يأبى شاذ لا يحفظ فعل يفعل بفتح العين في الماضي والمستقبل، وقد حكي ركن يركن، وقوله: {وأكثرهم} يريد به الكل أو يريد استثناء من قضى له بالإيمان كل ذلك محتمل. اهـ.
أي: فكيف مات وليس بقرية؟ ومثله قول الحطيئة: أي: فكيف تلومونني على مدح قوم؟ واستغنى عن ذكر ذلك، لأنه قد جرى في القصيدة ما يدل على ما أضمر.وقوله: {يظهروا} يعني: يقدروا ويظفروا.وفي قوله: {لا يرقبوا} ثلاثة أقوال:أحدها: لا يحفظوا.والثاني: لا يخافوا، قاله السدي.والثالث: لا يراعوا، قاله قطرب.وفي الإلِّ خمسة أقوال:أحدها: أنه القرابة، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال الضحاك، والسدي، ومقاتل، والفراء، وأنشدوا: وقال الآخر: والثاني: أنه الجوار، قاله الحسن.والثالث: أنه الله تعالى، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال عكرمة.والرابع: أنه العهد، رواه خصيف عن مجاهد، وبه قال ابن زيد، وأبو عبيدة.والخامس: أنه الحِلْف، قاله قتادة.وقرأ عبد الله بن عمرو وعكرمة وأبو رجاء وطلحة بن مصرّف: {إيلًا} بياء بعد الهمزة.وقرأ ابن السميفع والجحدري: {ألًا} بفتح الهمزة وتشديد اللام.وفي المراد بالذمة ثلاثة أقوال:أحدها: أنها العهد، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك في آخرين.والثاني: التذمم ممن لا عهد له، قاله أبو عبيدة، وأنشد: والثالث: الأمان، قاله اليزيدي، واستشهد بقوله: «ويسعى بذمتهم أدناهم».قوله تعالى: {يرضونكم بأفواههم} فيه ثلاثة أقوال:أحدها: يرضونكم بأفواههم في الوفاء، وتأبى قلوبهم إلا الغدر.والثاني: يرضونكم بأفواههم في العِدَة بالإيمان، وتأبى قلوبهم إلا الشرك.والثالث: يرضونكم بأفواههم في الطاعة، وتأبى قلوبهم إلا المعصية، ذكرهنَّ الماوردي.قوله تعالى: {وأكثرهم فاسقون} قال ابن عباس: خارجون عن الصِّدْق، ناكثون للعهد. اهـ.
فإذا قيل للعهد والجِوار والقرابة إلّ فمعناه أن الأُذُن تُصرف إلى تلك الجهة؛ أي تحدّد لها.والعهد يسمّى {إلًا} لصفائه وظهوره.ويجمع في القلة آلال.وفي الكثرة إلاَلٌ.وقال الجوهري وغيره: الإلّ بالكسر هو الله عز وجل، والإلّ أيضًا العهد والقرابة.قال حسان: قوله تعالى: {وَلاَ ذِمَّةً} أي عهدًا.وهي كل حُرمة يلزمك إذا ضيّعتها ذنب.قال ابن عباس والضحاك وابن زيد: الذِّمة العهد.ومن جعل الإلّ العهد فالتكرير لاختلاف اللفظين.وقال أبو عبيدة مَعْمَر: الذمة التذمم.وقال أبو عبيد: الذمة الأمان في قوله عليه السلام: «ويسعى بذمتهم أدناهم» وجمع ذِمّة ذِمم.وبئر ذَمّة (بفتح الذال) قليلة الماء؛ وجمعها ذِمام.قال ذو الرُّمّة: أنكزتها أذهبت ماءها.وأهل الذمة أهل العقد.قوله تعالى: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ} أي يقولون بألسنتهم ما يُرضي ظاهره.{وتأبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} أي ناقضون العهد.وكل كافر فاسق، ولكنه أراد هاهنا المجاهرين بالقبائح ونقض العهد. اهـ.
|